Friday, April 25, 2008

منهج النبي نوح –عليه السلام – في الدعوة إلى الله- من نور عطيرة مشاعيل تان و أصحبها



منهج النبي نوح –عليه السلام – في الدعوة إلى الله- من نور عطيرة مشاعيل تان و أصحبها

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه وبعد ،

إن القيام بالدعوة إلى الله تعالى فريضة فرض الله على الدولة المسلمة والمسلمين أجمعين على الكفاية. وقد قام بهذه الدعوة رسل الله عليهم الصلاة والسلام


فإن الدعوة إلى الله تعالـى طريق الأنبياء -عليهم السلام- وأتباعهم كما قال تعالى:((قُلْ هَذِهِ سَبيلِي أَدْعُو إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي وسُبْحَانَ اللَّهِ ومَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ (( وكان مما اعتنى به الـقـرآن الكريم ذكر قصص دعوات الأنبياء ، وتصويرها بأبلغ أسلوب، وعـرضـهـا بأدق عبارة، حـتـى أصـبـحــت أخبارهم في القرآن نماذج حيّة يحتذيها الدعاة ويقتبسون مـن نـورها ، ويهتدون بهـــداها. قال الله تعالى ((أُوْلَئِكَ الَذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)) فيأمر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقتدي بمنهج الأنبياء وأن يقتفي أثرهم وأن يسير على سنتهم .ومعلوم أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خطاب لأمته من بعده إلى قيام الساعة .فعليهم الاقتداء والاهتداء إلى معالم الدعوة المذكورة في قصصهم .

ونتساءل معشر القراء لماذا يُبدئ القرآن ويعيد في الحديث عن منهج الأنبياء والحديث عن قصص الأنبياء وتتكرر الآيات والسور عن هذا المنهج إشارة أو إيماء أو تفصيلاً، فلا يكاد يخلو جزء من القرآن الكريم من قصة دعوة نبي من الأنبياء، أو إشارة إليه وإلى ما جرى بينه وبين قومه، وفي هذا دعوة إلى أولئك الذين يقرؤون ذلك الكتاب ويتعبدون الله بتلاوته إلى أن يسيروا وفق هذا المنهج وأن يرتسموا معالمه ويسلكوا خطاه.



. وقد اخترنا دراسة موضـوع الدعوة إلى الله من خلال قصة إمام الحنفاء وأبي الأنبياء إبراهيم - عليه السلام - ولم يكن اختياري لهذه الدعوة جزافاً بل لأسباب أوجزها فيما يلي :

أولاً : أنها دعوة خليل الرحمن، ومؤسس الحنيفية، وأحد أولي العزم الخمسة من الرسل .

ثانياً : أن رسولنا محـمــداً - صلى الله عليه وسلم - قد أمر باتباع ملته ((ثُمَّ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفاً ومَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ)) .

ثالثاً : تلك الصفات العظيمة التي تحلى بها إبراهيم حتى قال الله تعالى فيه ((..وإبْرَاهِيمَ الَذِي وفَّى)) فكانت نبراساً يقتفى أثره فيها الدعاة إلى الله .

رابعاً : استغراق القرآن واستقصاؤه لأساليب نوح المتنوعة في عرض دعوته على قومه ، حتى إنه ليعز على الباحث أن يجد لنبي من الأنبياء خلا نبينا - صلى الله عليه وسلم - مثلما يجد لهذه الأيام من الطرائق والسبل في إقناع المدعوين وترويضهم على قبول الدعوة . ولا غرو فقد سنَّ للناس من بعده من الدعوة أساليب لم تعهد لأحد من قبله ولم تقف عند حد الكلمة بل تخطتها إلى الحركة والفعل .

خامساً : رسمت هذه الدعـــوة للدعاة منهاجاً في الصبر يحق لهم أن يقتدوا به ، فقد صبر نوح -عليه السلام- في أحــــوال مختلفة وظروف متباينة وأعمال متنوعة كالصبر على تكذيب قومه له واستهزاءهم به وسخريتهم لعمله ، وغير ذلك .

وسنعرض الموضوع من خلال نماذج من أساليب الدعوية التي سلكها نوح -عليه السلام- في نشر دعوته






عبد الوهاب بن لطف الديلمي ، معالم الدعوة في قصص القرآن ، الطبعة الثانية ، مكتبة الإرشاد ، صنعاء ، اليمن ، 1419هـ - 1998م ج 1 ص


أساليب الدعوة إلى الله البيان بالحجة والبرهان
دفع شبه الأعداء
التأييد بالمعجزات والخوارق
الترغيب والترهيب
الأسوة الحسنة أو التطبيق العملي
موقع الجهاد من أساليب الدعوة

مواقف الأمم في الدعوة
موقف المترفين واصحاب السلطة وأثرهم في إضلال العامة
الاستهزاء بالرسل وأتباعهم والسخرية منهم
طلب الآيات تعنتا
طلب إنزال الآيات العاجل عليهم
موقف المستضعفين
رد فعل المترفين للمؤمنين
محاولة زعزعة الثقة بالإفك و الباطل
1- التشكيك في سلامة عقول الرسل
2- التشكيك في إخلاص الرسل
3- التشكيك في صدق الرسل

محاولة الصد عن العوة بالإغراء
محاولة الصد عن الدعوة بالتهديد والإنذار

ذكر القرآن الكريم لدعوة إبراهيم عليه السلام ثلاث مراحل ، نوجزها فيما يل

أساليب إبراهيم في الدعوة

أولاً : أساليب النظر


أساليب نوح عليه السلام

أولا : أساليب النظرية

1- تقرير توحيد الألوهية ببيان دلائل الربوبية

جـمــيع دعــوات الرسل قائمة على تقرير توحيد الألوهية الذي من أجله خلق الله الثقلين ((ومَا خَلَقْتُ الـجِـنَّ والإنـسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ)) ، وهو الذي اختلف الناس فيه ، ووقع لديهم بسببه زيغ عظيم ، ولذلك أخـبـــرنا الله عن هدف بعث الرسل بقوله ((ولَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )).

أما توحيد الربوبية : فأكثر الناس مـتـفـقون عليه ، وهو الإقرار لله بالخلق والتدبير والملك ((ولَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ لَـيـَقـُولُنَّ اللَّهُ)) وتوحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية ، فالذي يستحق العبادة وحده هو الــذي يـخلق ويرزق ، ويحي ويميت ، وينفع ويدفع ، ويملك ويدبر ، وقد بيّن الأنبياء لأقوامهم هذا أتم بيان ، ومنهم إبراهيم ((إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ واتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * إنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وتَـخْـلُـقُـونَ إفْـكـاً إنَّ الَذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ واعْبُدُوهُ واشْـكـُـرُوا لَـهُ إلَـيْـهِ تُرْجَعُونَ)) فبين أن الله هو الرزاق ، فهو إذن المستحق للعبادة دون سواه ممن لا يملكون لأنـفـسـهـم - فـضـلاً عن غيرهم - رزقاً ولا نفعاً ولا ضراً، وقال: ((أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ * فَإنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إلاَّ رَبَّ العَالَـمـِـينَ * الَذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * والَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي ويَسْقِينِ * وإذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * والَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ...)) وأمثلة ذلك كثيرة.

2- التصريح بقصد النصيحة وأنه لا هدف للداعي إلا نفع المدعوين وأنه لا يريد على ذلك حظا من الدنيا :

إن إعـلان الـداعـيـة عـن هــذا للمدعوين من شأنه أن يلين قلوبهم ، ويدعوهم إلى تأمل ما يُدعون إليه ، ولقد درج على ذلك الأنبـيـاء جميعاً ، فقال نوح : ((ويَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إنْ أَجْرِيَ إلاَّ عَلَى اللَّهِ..)) وقـال هــــود: ((يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إنْ أَجْرِيَ إلاَّ عَلَى الَذِي فَطَرَنِي)) وفي سورة الشعراء ذكــر الله :((ومَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إنْ أَجْرِيَ إلاَّ عَلَى رَبِّ العَالَمِينَ)) ذكرها عن نوح وهود وصـالـح ولوط وشعيب ، وقال محمد -صلى الله عليه وسلم-:((قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إنْ أَجْــرِيَ إلاَّ عَلَى الله وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) .
وحكى الله عن إبراهيم أنه قال لأبيه :((يَا أَبَتِ إنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْـمـَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ ولِياً)) فهـو لا يريد شيئاً من أبيه ، وإنما يخاف عليه من عذاب الرحـمن، فـيـكـون ولـيــاً للـشيطان ، وتأمل في العبارات التي نطق بها إبراهيم : (أخاف) و(يمسك) و(عذاب من الرحمن) تُلفها تعبر بصدق عما يكنه إبراهيم لأبيه.

3- الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة :

وقد جاءت جلية في دعوته لأبيه وخطابه الرقيق الحاني المتدفق ليناً - وعطفاً ولطفاً ، اتباعاً للحكمة التي تقرب المدعو من الدعوة وتلين قلبه للاستجابة.

4- التشنيع على المعبودات الباطلة وعابديها :

لما بين إبراهيم لقومه دعوته ، وألان لهم الخطــاب ، لعنهم يستجيبون ، وما زادهم ذلك إلا التمادي في باطلهم ، فما كان من إبراهيم إلا أن أظهر تهافت معبوداتهم وأحنق النكير عليهم ، فقال :((مَا هَـذِهِ التَّمَاثِيلُ الَتِـي أَنـتُــــمْ لَهَا عَاكِفُونَ)) فسماها تماثيل ولم ينعتها بوصف (الألوهية)، ولمـا ظهر له أنهم لا يعتمدون فيما فعلوا على حجة وبرهان قال لهم: ((لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)) وزاد فقال :((أُفٍّ لَّكُمْ ولِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفـَــلا تَعْقِلُونَ)) ولقد برهن لهم على سفههم ما سوغ في تهكمه بتصرفاتهم حيث سألهم: ((هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ)) فإن أقل ما يقال في هؤلاء المعبودين أنهم لا يسمعون كعابدين فكيف يجلبون لهم نفعاً أو يدفعون عنهم ضراً؟

5- التذكير بنعم الله على عباده :

جبلت النفوس على حب من أحسن إليها ولذلك عنىَ الدعاة إلى الله بتذكير الخلق إحسان الله إليهم ليكون ذلك أدعى إلى قبول الدعوة فهذا هود يقول :(( واذْكُرُوا إذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وزَادَكُمْ فِي الخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)). وقال صالح :(( واذْكُرُوا إذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وتَنْحِتُونَ الجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ ولا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ)) وأما إبراهيم فقال :(( أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ * فَإنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إلاَّ رَبَّ العَالَمِينَ * الَذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * والَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي ويَسْقِينِ * وإذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * والَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * والَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ))

6- التذكير بأيّام الله :

ما مـن أمــة تَخْلف في الأرض إلا وتنظر في أحوال من سلف من الأمم تتبع مواطن العبرة فيها، فتستفيد من الإيجابيات ، وتحذر من السلبيات ، وكان أنبياء الله يذكرون أممهم بأحوال الغابرين ممن كذبوا أو آمنوا ، فيذكرونهم بعاقبتهم ، وينذرونهم أن يحل بهم ما حل بمن كفر من أمم الأرض، لعلهم يتعظون أو يرتدعون، ولذا قال إبراهيم لقومه :(( وإن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ومَا عَلَى الرَّسُولِ إلاَّ البَلاغُ المُبِينُ)) أي فـقــد كذبت أممٌ أنبياءهم فحل بهم ما تعلمون من العذاب ، فإن فعلتم عوقبتم بمثل عقابهم، ومــــا على الرسول إلا البلاغ المبين.

7- المناظرة والتدرج في إفحام الخصم :

8- استثارة الخصم :
والمقصود بذلك : تحريك نفوس المدعوين ، وتنبيه عقولهم ، ولفت أنظارهم إلى الأمر الذي يدعوهم إليه الداعية.


ثانياً : الأساليب العملية :

1- القدوة : لقد كان إبراهيم مثالاً يحتذى في الخير ،

ولذلك وصفه الله بقوله ((إنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً)) أي جامعا للخير ، كلفه الله بأمور فقام بها خير قيام ((وإذِ ابْتَلَى إبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ)) وكان الجزاء : ((إنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَاماً)) فالسبب الذي أهله للإمامة إتمامه الكلمات التي ابتلاه ربه بها ، ومن أجل ذلك أُمر نبينا -صلى الله عليه وسلم- باتباع ملته (ثم أوحينا إليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا) وأُمرت هذه الأمة أن تأتسي بإبراهيم ومن معه ، لكونهم قدوة (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه) والأمر الذي نهينا عن الإقتداء بإبراهيم فيه استغفاره لأبيه »إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك ، وما أملك لك من الله من شيء« وقد تقدم ذكر بعض من صفات هذا النبي الكريم وأساليبه وأعماله وما كان به قدوة للمصلحين من بعده (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه).

2 - البداءة بالأهم : بدأ إبراهيم بالدعوة إلى توحيد العبادة ،

وهو أهم ما يدعي إليه ، وأول ما يبدأ به (وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون

3- اللين والشدة : وهذا ظهر جليا في دعوته لأبيه ، وفي دعوته لقومه

فقد دعا كلا منهم باللين والاستعطاف ، لعل كلامه يتخلل قلوبهم ، ولينه يعطف أفئدتهم لقبول الحق الذي جاء به ، ولكن ما زادهم إلا عتوا ، فما كان منه إلا أن أغلظ لهم القول ، وشدد اللهجة ، ففي اللين قال :((يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ ولا يُبْصِرُ ولا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً)) وفي الشدة قال : ((وإذْ قَالَ إبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إنِّي أَرَاكَ وقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)

4- البراءة والمعاداة : التي تعني البراءة من الشرك وأهله واعتزالهم ،

وهي أصل من أصول العقيدة ومن مستلزمات (لا اله إلا الله). قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : »أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله« ومفاصلة خصوم الدعوة ارتفاع بالنفس والعقيدة إلى المستوى اللائق بهما ، فلا يستوي حزب الله الذى كتب الله له العزة والكرامة وحزب الشيطان الذي كتب الله له الذلة والهوان ، وفيها إشعار لأولئك الخصوم بأنهم على باطل ، وأن الأمر ما وصل بالداعية إلى المقاطعة إلا لحق يعتنقه ويدعو إليه ، فيكون ذلك ردعا لهم عما هم فيه. وفيها قطع لآمال أعداء الدعوة في الحصول على تنازلات من الدعاة ، يستدرجونهم بها.

5- الدعاء والتضرع : وهو السلاح الذي لا يحق للمؤمن أن يسير في ركاب الحياة بدونه،
وقـد امـتـدح الله خليله بدعائه فقال : ((إنَّ إبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ)) وقد تقدم معنى (الأواه) ، ولــــذا تل أن نجد موطنا تذكر فيه دعوة إبراهيم إلا ويذكر معها جانب من تضرعه ودعائه ومن ذلك : ((رَبَّنَا وابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً ...)) ، ((رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ)) ، ((وتُبْ عَلَيْنَا إنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)) ، ((واجْنُبْنِي وبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ)) ، ((رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ ومِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وتَقَبَّلْ دُعَاءِ)) ، ((رَبَّنَا اغْفِرْ لِي ولِوَالِدَيَّ ...)) ، ((رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ...)). إلى آخر ما هناك من الدعوات المباركات ، التي تضرّع بها إبراهيم ، وخلدها القرآن ، فكان قدوة في اللجوء إلى الدعاء.

6- تحطيمه للأصــنـــام : لم يكتفي إبراهيم في دعوته بالكلمة والحجة التي أبطل بها حجج الخصوم ، بل عضد ذلك بعمل كبير ،

أقدم عليه بشجاعة وعلو همة ، وهو تحطيم الأصنام التي تعلق بها قومه ، حتى صرفهم تعلقهم بها عن التفكير في حقيقتها ، والنظر في ماهيتها ، فأراد إبراهيم أن يبين عن ذلك بالقول والفعل فكان بيانه القولي الذي شرحنا طرفا منه فيما تقدم ، وكـــــان بيانه الفعلي بما أقدم عليه من تحطيم الأصنام ، وجعلها جذاذاً ((إلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إلَيْهِ يَرْجِعُونَ))


الهجرة : ذكر الله تعالى هجرة الخليل في ثلاثة مواطن

فقال : ((ونَجَّيْنَاهُ ولُوطاً إلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ)) ((وقَالَ إنِّي ذَاهِبٌ إلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ)) .

No comments: